سور الأزبكية: معجم ثقافي وحكايات على مر الزمان

سور الأزبكية: معجم ثقافي وحكايات على مر الزمان

0 0

سور الأزبكية: معجم ثقافي وحكايات على مر الزمان
يعد سور الأزبكية في القاهرة أحد أبرز المعالم الثقافية التي تجمع بين عبق الماضي ووهج الحاضر. 
فهو ليس مجرد مكان لبيع الكتب بل هو معجم حيّ للقراءة حيث يتردد عليه المثقفون وعشاق الكتب من مختلف الأعمار والخلفيات منذ نشأته.
ظل سور الأزبكية منارة للمعرفة ومقصداً للباحثين عن الكنوز الفكريةليصبح شاهداً على حكايات ثقافية لا تنتهي.
يتميز سور الأزبكية بجوه الخاص الذي يجمع بين الأصالة والبساطةإذ يعمل به نخبة من كبار الورّاقين والأساتذة الذين يمتلكون شغفاً عميقاً بالكتب ولديهم القدرة على تقييم قيمة الكتاب بمجرد نظرة واحدةوهم مستعدون دائماً لمساعدة الزوار على اكتشاف الكنوز المخفية بين صفحات الكتب القديمة والجديدة.
السور هو مكان نابض بالحياةحيث تتلاقى الحكايات وتتناقل الأفكار وتُبنى جسور بين الأجيال المختلفة.
 تجد هناك الكتب التي عفا عليها الزمن بجانب أحدث الإصدارات مما يخلق توازناً فريداً يعكس تطور الثقافة وتاريخها. 
فهو ليس فقط سوقاً لبيع الكتب بل فضاءً مفتوحاً للحوار الثقافي والتبادل الفكري.
إنّ زيارة سور الأزبكية ليست مجرد رحلة لاقتناء الكتب كما قال الحاج علي الشاعر والدكتور احمد الركيبي وجميع العاملين في هذا المجال  بل هي تجربة تعيد إحياء الروح الثقافية وتعمّق الإحساس بقيمة الكلمة المكتوبة وسط الزحام والصخب ليظل السور واحةً للمعرفة الذى يربط الماضي بالحاضر ويؤكد على أن الكتاب سيبقى دائماً خير صديق للإنسان.
لذلك إذا أردت أن تعيش تجربة ثقافية فما عليك سوى زيارة سور الأزبكيةهذا المكان الذي يروي حكايات لا تنتهي ويحتفظ بذاكرة أجيال على مر الزمان.
سور الأزبكية: هرم الثقافة العالمية ومأوى المعرفة
. كما قال الحاج علي الشاعر احد كبار شيوخ المهنة بسور الاذبكية 
والذي عبر عن حكايتة مع القراءة بكل صدق ليروي لنا حكاية العمر مع الكتب وسور الأزبكية. 
واضاف : أنا علي عبد العاطي علي سليمان الديب والشهير بعلي الشاعر لأنني شاعر أكتب الشعر وأعشق الكلمة منذ الصغر.
 أبلغ من العمر 75 عامًا، وأمارس مهنة بيع الكتب منذ أكثر من نصف قرن وبدأت رحلتي مع الكلمة في الكتاب، حيث تعلمت وحفظت قصص الأنبياء ومن هناك دخلت المدرسة واكتشفت حب القراءة. 
كان منزلنا مليئًا بكتب والدي خاصة إصدارات دار الهلال القديمة مما فتح لي عالماً من المعرفة والثقافة.
مارست مهنتي على مدار 55 عامًا في قلب سور الأزبكية هذا الصرح الثقافي العريق الذي تأسس بين عامي 1906 و1907 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني. 
حيث مر السور بأحداث وتغيرات كبرى وكان قد شهد عهود السلاطين والخديوية وملوك ورؤساء مثل محمد نجيب، جمال عبد الناصر، السادات، حسني مبارك، وعدلي منصور، وصولًا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
رغم هذه التحولات بقي السور صامدًا وإن كان ينتقل أحيانًا بسبب تجديد محطة المترو. واليوم نستعد لانتقال جديد خلال الأشهر القادمة.
سور الأزبكية هو ذاكرة حية تضم آلاف الكتب التي تمثل مختلف العصور والتيارات الفكرية تجد فيه كتبًا نادرة تتجاوز أعمارها مئة عام مثل إصدارات أنيس منصور، يوسف السباعي، ونجيب محفوظ، إضافة إلى كتب التراث وأمهات الكتب الدينية التي شهدت نهضة كبيرة في القراءة بعد نكسة 1967.
واستكمل الحاج علي حديثة قائلا: هنا يتردد علينا الجميع من الأطفال والطلاب إلى الباحثين والأدباء.
واضاف: السادات نفسه زار السور في الثلاثينيات والأربعينيات عندما كان معتقلًا، كما كان يأتينا عظماء مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ.
ما يميز سور الأزبكية عن معرض القاهرة الدولي للكتاب هو استمراريته. 
بينما يُقام المعرض لفترة محدودة فإن السور متاح على مدار العام. 
هنا تجد الكتب النادرة التي لا تتوافر في المكتبات الأخرى إلى جانب إصدارات جديدة تُلبّي شغف القراء. 
كما يمكن أن تجد العدد الأول من صحيفة الأهرام، أو طابعات نادرة مثل هارمن كيدين وموبيل ديك وأيضًا كتب دينية بطبعات قديمة يصعب العثور عليها في أي مكان آخر. بعض الأجانب يشترون الكتب ليس فقط لمحتواها، بل لجمال جلودها القديمة.
سور الأزبكية هو الهرم الرابع كما أحب أن أسميه لما يحمله من تاريخ وثقافة.
 إنه مكان يستطيع أي مثقف أن يزوره بدلًا من الأهرامات ليجد فيه ثروة معرفية لا تُقدَّر بثمن. هنا يمكن للمرء أن ينسى الطعام والشراب، وينغمس في عالم القراءة.
رسالتي للشباب هي: اقرأوا. القراءة تمنحكم قيمة ومعرفة وتفتح أمامكم عوالم جديدة.
في سور الأزبكية ستجدون كتبًا لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ثروة علمية وثقافية بانتظاركم فلتجعلوا من القراءة عادة تبني لكم مستقبلًا أفضل.
سور الأزبكية: معقل الثقافة ومرجع الحضارة العالمية 
 قال الدكتور أحمد الركابي:صاحب احدي المكتبات والاماكن التراثيةبسور الاذبكية: 
أن هذا السور يروي حكايات ثقافية منذ السبعينيات
وأضاف : نشأت بين أرفف الكتب وأزقتها في سور الأزبكية حيث كان والدي جزءًا من هذا العالم وأنا معه منذ طفولتي. 
عشت أجواء السور منذ سبعينيات القرن الماضي ورأيت كيف كان وما زال مركزًا ثقافيًا يجذب الزوار من كل مكان. 
لم يكن السور مجرد مكان لبيع الكتب بل كان ملتقى لرواد الثقافة من العرب والأجانب من سفراء وملحقين ثقافيين إلى الباحثين والصحفيين الكبار أمثال صبري أبو علام حتى الملحق الثقافي الفرنسي كان من بين زواره.
رغم أن سور الأزبكية تعرض للإزالة ثلاث مرات إلا أنه صمد كرمز ثقافي خالد وشاهد على تطور الحراك الثقافي في مصر.
كمايقع السور في موقع استراتيجي محاط بالمسرح القومي ودار الأوبرا مما يجعله جزءًا من مثلث ثقافي متكامل.
 تخيل أن الروايات التي تعرض في المسرح أو الأوبرا، يمكن أن تجدها مكتوبة بين أيدي الباعة في السور.
البائعون هنا ليسوا مجرد تجار بل شركاء في البحث والتثقيف يساعدون الباحثين والمثقفين على الوصول إلى كنوز فكرية لا تقدر بثمن. الهيئة العامة للكتاب مشكورة على توفير مساحة للسور في معارضها رغم أننا لسنا جزءًا رسميًا منها.
اهتمامهم بالسور يعكس تقديرهم لما يحمله من تاريخ وثقافةخاصة أن السور يستقبل زوارًا ومفكرين من دول مثل المغرب، الجزائر، تونس، السعودية، وحتى إندونيسيا.
السور ليس مجرد مصدر دخل فحسب بل هو مصدر للإلهام الثقافي. لذا، لدي اقتراح للمسؤولين: إذا أردتم تحسين حديقة الأزبكية اجعلوا الكتب جزءًا منها تخيلوا حديقة الأزبكية وقد أُضيف إليها سور ثقافي ممتد من الكتب، حيث يمكن للزوار التجول بين صفحات المعرفة.

بدلًا من الأشجار المفقودة، دعونا نبني حائطًا ثقافيًا يعكس صورة مشرفة لمصر أمام العالم.
تصوروا حديقة الأزبكية وقد تحولت إلى منتدى ثقافي واسع المدى حيث الثقافة تعرض بطريقة بصرية وجذابة من خلال الكتب.

سيكون ذلك مشروعًا رائدًا يعكس قوة مصر الثقافية، ويعيد إحياء الحديقة كمكان نابض بالمعرفة والحياة.
رسالتي للشباب هي: اقرأوا. إذا أردتم أن تبنوا لأنفسكم قيمة حقيقية فاجعلوا القراءة جزءًا من حياتكم.
 الكتاب ليس مجرد أداة للتسلية بل هو مفتاح لتوسيع آفاقكم وبناء مستقبل مليء بالوعي والمعرفة. سور الأزبكية كان وما زال شاهدًا على أهمية الكتاب فاجعلوا منه بداية لرحلتكم نحو عالم الثقافة والمعرفة.

من جانب أخر يروي أدهم عرفة: قصة عشق مع الكتب التي تمتد لأكثر من ربع قرن
ويقول أدهم عرفة البالغ من العمر 54 عامًا، يعيش شغفًا خاصًا مع الكتب منذ أكثر من 25 عامًا. 
واضاف: بدأت رحلته في عالم الكتب حينما اكتشف نفسه بين الصفحات والكلمات.

لم يكن العمل في هذا المجال مجرد مهنة بالنسبة له بل أصبح أسلوب حياة ومعنىً حقيقيًا للشغف والثقافة.
خلال سنوات عمله الطويلة تعامل أدهم مع جميع الفئات العمرية من الأطفال إلى الكبار  وكل منهم يبحث عن كتاب يحمل قصة جديدة أو معلومة مفيدة. المثير في تجربته هو علاقته الوطيدة مع القراء من مختلف الخلفيات، حيث يجد نفسه دائمًا حلقة وصل بين الكلمة المكتوبة وقلوب الناس.
الأمر لا يقتصر على القراء العاديين فقط بل امتدت شهرته لتصل إلى العديد من المشاهير الذين وجدوا في كتبه ضالتهم. ومع كل عملية بيع أو توصية بكتاب، يشعر أدهم بسعادة غامرة، وكأن كل كتاب جديد يروي حكاية جديدة له أيضًا.
في نهاية المطاف يصف أدهم هذا المجال بأنه أكثر من مجرد تجارة؛ إنه وسيلة لنشر المعرفة وحكاية عشق مع الكتب لا تنتهي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.